تعتبر وحدة التحكم الالكترونية في السيارات (يتعارف عليها بين الناس غالباً باسم الكومبيوتر..
مثل كومبيوتر المحرك.. كومبيوتر علبة السرعة.. الخ)،
السبب الرئيس في الثورة التي شهدتها صناعة السيارات في الربع الأخير من القرن المنصرم،
حيث استطاع صانعو السيارات من خلال استخدام وحدات التحكم الالكتروني من تأدية وظائف تحكم آلي برمجياً، والتي كانت سابقاً إما غير ممكنة نهائياً أو أنه كان يتم تنفيذها ميكانيكياً، وبالتالي كانت ذات تكلفة عالية وأداء ضعيف، كما أنه كان يجب تغيير أجزاء ميكانيكية في السيارة من أجل الحصول على أداء مختلف لنفس الجهاز، في حين أنه من أجل تحقيق نفس الهدف يكفي على الأغلب تغيير بضعة أسطر في البرنامج أو تغيير بعض بارامتراته، وذلك في حالة استخدام وحدة التحكم الإلكترونية. ربما يكون من المثير معرفة أن سيارة حديثة من الجيل الحالي تتضمن ما يزيد على 50 وحدة تحكم إلكترونية (يمكن تشبيه وحدة التحكم الإلكتروني بالكومبيوتر الشخصي)، تقوم هذه الوحدات بتبادل المعلومات فيما بينها عن طريق شبكة نقل المعلومات، والتي هي على الأغلب CAN-Bus من أجل تأدية وظائف معينة مثل التحكم بالمحرك Motor Control Unit ، التحكم بثبات وتوازن السيارةABS ،ESP ، التحكم بالمولد Generator Control Unit، التحكم بالمكابح… الخ.
لمحة تاريخية:
كانت وحدات التحكم الالكتروني الأولى تحتوي الكثير من الأجزاء الميكانيكية، بالإضافة إلى استخدامها للتحكم التشابهي والدارات المتكاملة من أجل تأدية وظيفتها، الشيء الذي جعلها عالية الكلفة وقليلة المرونة، حيث أنه كما ذكرنا أعلاه فإن تغيير بسيط في أداء الوحدة يتطلب تغييراً لأجزاء ميكانيكية أو على أحسن تقدير لبعض الدارات المتكاملة أو العناصر الإلكترونية الموجودة في الدارة الإلكترونية. وأدى ظهور المعالجات المصغرة Microprocessors والمتحكمات المصغرة Microcontrollers (يستخدم التحكم الرقمي)، وتوافرها بأسعار معقولة إلى إحداث ثورة حقيقية في صناعة السيارات، أدت إلى تحسين أدائها بشكل مذهل وتضمين أنظمة جديدة لم يكن تنفيذها سابقاً ممكناً على الإطلاق.
ما هو نظام التحكم الالكتروني؟
إن نظام التحكم الالكتروني المستخدم في السيارات بشكله الحالي هو عبارة عن دارة إلكترونية تتألف من أجزاء تشابهية (مرشحات، مبدلات تشابهية رقمية، عناصر حماية)، وأخرى رقمية (مايكروكونترولر أو مايكروبوسيسور، قلابات، ذواكر.. الخ). يقوم البرنامج المخزن في المايكروكونترولر بمعالجة المعطيات والمعلومات الواردة من العناصر المحيطية المذكورة مسبقاً، سواء التشابهية أو الرقمية من أجل أداء وظيفة معينة، حيث يقوم بالتحكم بعناصر إلكترونية أخرى (ترانزستورات، ريليات، محركات سيرفو .. الخ).
غالباً ما يتضمن المايكروكوترولر نظام تشغيل Operation System، يتولى إدارة الموارد و إدارة تعدد المهام Multi Tasking Management والتواصل مع وحدات التحكم الأخرى عن طريق الـ CAN-Bus.
يسمى هذا النوع من الأنظمة بالأنظمة المضمنة أو الدفينةEmbedded Systems ، وغالباً ما تعمل ضمن ما يعرف بالزمن الحقيقي Real Time Systems .
مكونات نظام التحكم الالكتروني:
الجزء الميكانيكي:
يتضمن الجزء الميكانيكي الصندوق أو القالب المعدني الذي توضع الدارة الالكترونية بداخله، والذي يلعب دوراً إضافيا في حماية الدارة من التشويش الكهرومغناطيسي، كما يتضمن الجزء الميكانيكي الدارة المطبوعة PCB وأماكن تثبيتها ودارة التبريد. يحتوي هذا الصندوق على أماكن التوصيل مع التغذية الكهربائية ومع خط نقل المعطيات. يوضح الشكل أدناه الجزء الميكانيكي من وحدة التحكم الالكترونية الخاصة بمحرك الاحتراق الداخلي.
Hardware:
وهو ببساطة كل العناصر الالكترونية والكهربائية التي نراها على الدارة المطبوعة. يتضمن الهاردوير مرحلتين أساسيتين وهما مرحلة قياس ومعالجة وملائمة الإشارات الكهربائية، حيث يتم قياس الإشارات المطلوبة ومن ثم ترشيحها وتضخيمها إلى المستوى المطلوب الذي يستطيع المايكروكونترولر أو المعالج التعامل معه، حيث يقوم المايكروكونترولر بالمعالجة البرمجية لهذه المعلومات حسب البرنامج المخزن فيه ومن ثم إصدار أوامر على شكل إشارات تشابهية أو رقمية إلى مرحلة تنفيذ الأوامر، حيث يتم غالباً تضخيم الاشارت مرة ثانية إلى المستوى المطلوب من أجل قيادة العناصر الكهربائية والالكترونية المنفذة. يوضح الشكل أدناه الهاردوير لوحدة التحكم الالكتروني الخاصة بالمحرك.
Software:
وهو الجزء البرمجي من وحدة التحكم الالكترونية، كانت البرامج في الأجيال الأولى من وحدات التحكم الالكترونية تكتب بلغات برمجية منخفضة المستوى ومعقدة الأداء مثل الاسمبلي، مما كان يحد بشكل كبير من تنفيذ الخوارزميات المعقدة، بالإضافة إلى صعوبة التعامل مع هذا النوع من لغات البرمجة. حالياً يتم برمجة وحدات التحكم الالكترونية بلغات عالية المستوى مثل C/C++، كما أنه من الممكن استخدام برنامج Matlab/Simulink من أجل توليد برنامج مباشرة من الموديل الرياضي للنظام المراد التحكم به، الشيء الذي أدى إلى سهولة كتابة البرمجيات بشكل كبير والى تخفيض تكلفة تطويرها بشكل ملحوظ، كما أن ذلك مكن من استخدام البرمجة غرضية التوجهObject-Oriented Programming والاستفادة من مزاياها المتعددة مقارنة مع البرمجة الإجرائية.
غالباً ما يتضمن البرنامج على جزء ثابت وهو ما يعرف بنظام التشغيلOperation System (يمكن مقارنته بالويندوز في الكومبيوتر الشخصي)، وعلى الجزء البرمجي الخاص بالوظيفة المطلوب تنفيذها (والذي يقارن بالبرامج الأخرى غير الويندوز والتي تعمل اعتماداً على الويندوز مثل Internet Explorer على سبيل المثال).
أنظمة الربط بين أجهزة التحكم الالكتروني:
يستخدم الـ CAN-Bus بشكل أساسي كخط نقل معطيات في السيارة، وهو عبارة عن خط نقل معطيات تسلسلي ذو بروتوكول خاص تم تطويره من قبل شركة Bosch ويستخدم من قبل جميع صانعي السيارات في العالم. يتميز الـ CAN-Bus بالأمان العالي وانعدام نسبة الخطأ فيه، كما أنه يمكن عشرات وحدات التحكم الالكترونية من التواصل فيما بينها بسرعة كبيرة وموثوقية عالية. أدى استخدام الـ CAN-BUS إلى تقليل وزن السيارة بشكل كبير، وذلك بسبب الحاجة لسلكين فقط من أجل تواصل جميع الأجهزة الالكترونية فيما بينها، عوضاً عن عشرات الكابلات التي كانت تستخدم سابقاً، كما أن استخدامه يدعم تقنية الـ Multi-Master Systems.
هناك أنواع أخرى من أنظمة نقل المعطيات والتي تستخدم إلى جانب الـCAN-Bus ، وهي على سبيل المثال LIN-Bus و MOST. يتم حالياً تطوير نوع جديد من أنظمة نقل المعطيات ويعرف هذا النظام الجديد بـ FlexRay وهو آخر ما توصل أليه العلم في هذا المجال، ويتميز بسرعته العالية جداً وموثوقيته الكبيرة، وهو ما سيمكن من الانتقال إلى استخدام ما يعرف بـ X-By-Wire (استبدال الأوامر الميكانيكية بأوامر كهربائية) بشكل كبير في صناعة السيارات. من الجدير بالذكر أن أغلب الأنظمة المذكورة تستخدم نفسها في صناعة الطائرات.
معلومات عن كاتب المقال:
الاسم: وليد سحاري
الدراسة: ماجستير هندسة كهربائية وأنظمة المعلومات من جامعة هانوفر في ألمانيا عام 2005، هندسة كهربائية وإلكترونية من جامعة حلب عام 2001.
العمل: حالياً مهندس تطوير في شركة دايملر (قسم البحث والتطوير في Mercedes-Benz)K في مجال السيارات الهجينة والسيارات الكهربائية.
خاص بموقع فنّات.كوم http://www.fannat.com/Magazine.aspx?NewsID=3504